وزير الداخلية لـ”أحوال”: لن أتراجع في مواجهتي للقضاء
يبدو أنّ السجال الذي اندلع بين مجلس القضاء الأعلى ووزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، يتجه إلى مزيدٍ من التفاعل والتأزم على المستويين الإعلامي والقضائي؛ مع قرار حاسم وبإجماع أركان القضاء على رفع دعوى ضد فهمي بحسب معلومات “أحوال”، مقابل تأكيد الوزير فهمي أنّه لن يتراجع عما قاله في الحلقة التلفزيونية الأخيرة على شاشة MTV “لأنّه نطق بالحق”.
وزير الداخلية: لن أتراجع
وأكد الوزير فهمي في حديث لـ”أحوال” أنّه يحتمي بالحصانة الوزارية للتصويب على القضاء، لافتاً “لست بحاجة إلى حصانة ومشكلتي أني وزير”؛ وقال: “لو كنت مواطناً عادياً لكنت أكثر قوة وفعلت ما لا أستطيع فعله وأنا في منصبي”.
وجزم فهمي بأنه لم يتراجع، وقال: “لم أعتد على التراجع في كل حياتي العسكرية”، مضيفاً: “أُصِبت في رأسي وفقدت كلوتي وأضلاعي وخضت الحروب العسكرية، متنقلاً على الدبابات والمدافع وبين الجبهات ولم أتراجع في أي معركة، ولن أتراجع عن أي شيئ قلته أو فعلته طالما أني أنطق بالحق”.
في المقابل، أكد وزير الداخلية الأسبق العميد مروان شربل لـ”أحوال” أنّ “الوزير فهمي تسرّع بوصفه القضاء بأنّه فاسد بنسبة 95 في المئة”، وأوضح أنّ “الفساد موجود في كل جهاز من أجهزة الدولة وليس في القضاء فحسب”. وأضاف: “إذا كان ما يقوله فهمي صحيحاً، فيعوّض بسلامتنا القضاء”. وتابع: “هناك نسبة معينة من القضاء فاسد لكن ليس بالنسبة التي ذكرها وزير الداخلية”.
من جهة أخرى، رفض فهمي الإعتراف بأنّه تسرّع في اتهامه للقضاء وقال: “يركّزون على النسب المئوية بدل التركيز على إصلاح القضاء ومعرفة ماذا يجري فيه”. نافياً أية وساطة للبحث عن مخرج أو تسوية مع القضاء للفلفة القضية “حبياً”، وكرر قوله: “فليكن الإنتقاد ولتكن الدعوى”. وأصرّ فهمي على اتهامه للقضاء متسلحاً بأدلة على ذلك ومتسائلاً: “لماذا يحضر القضاة إلى مكاتبهم الساعة العاشرة صباحاً فيما يبدأ الدوام الرسمي لموظفي الدولة عند الثامنة صباحاً؟”
من جهته، شدّد شربل على أنّ “القضاء تعرّض لكلام أقسى مما صرح به فهمي ولم يتحرّك، فيما كان يجب مواجهة ذلك في بداية الأمر والبحث في الاتهامات التي تُساق ضد الجسم القضائي”. ودعا شربل القضاء اللبناني “إلى إصلاح نفسه والقيام بواجباته والبت في الكثير من الملفات بسرعة أكبر، وملاحقة المتورطين بمختلف القضايا بمعزل عن إنتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية “، وقال: “إذا لا يوجد قضاء فلا يوجد دولة”.
هل يخضع وزير الداخلية للمحاكمة؟
إلي أين تتجه المواجهة بين القضاء ووزير الداخلية؟ وهل يستطيع القضاء إخضاع الوزير فهمي للتحقيق ومحاكمته في ظل التعقيدات القانونية التي تعترض ملاحقة الرؤساء والوزراء؟ علماً أن المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء لم يُعيّن رئيساً له حتى الآن رغم تعيين أعضائه.
وما زاد “الطين بلّة” هو الخلاف المستحكم بين وزارة الداخلية ونقابة المحامين على خلفية توقيف قوى الأمن الداخلية لأحد المحامين لمخالفته قرار الإقفال. ما أعطى الخلاف منحى الصراع بين القضاء والأمن، أي أنّ القضاء بات الخصم والحكم في آنٍ معاً، في بلد يعاني الأزمات، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ القرار.
وأشار وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل في هذا السياق، إلى أنّ “فهي وزير حالي، فيعود لمحكمة خاصة تُسمى محكمة الوزراء والرؤساء، لكن هذا يتطلب آلية دستورية خاصة”.
وحول إمكانية ملاحقته قضائياً في حال أصبح فهمي وزيراً سابقاً قال شربل: “طالما أنّ الجرم حصل خلال إشغاله منصبه فيتم ملاحقته على أساس أنّه وزير حالي”.
وأكد مرجع قانوني لـ”أحوال”، أنه “من حيث المبدأ وبمعزل عن أي مسألة آنية، فإنّ الوزير لا يتمتع بأي حصانة، فيما يكمن الالتباس في حصرية اختصاص مجلس النواب في ملاحقة الوزير قضائياً، وإحالته إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء. أما إزدواجية هذا الإختصاص بين هذين المجلسين من جهة والقضاء العدلي من جهة ثانية، فيتعلق بالإخلال بالواجبات والخيانة العظمى، ولا يشمل الأقوال ولا الأفعال التي تخرج على ذلك، حيث تبقى من اختصاص القضاء العدلي.
محمد حمية